هل يستقبل أهالي “زحلة” العام الجديد على “العتمة”؟
كلما اقترب موعد انتهاء رخصة الشركة المنتجة للكهرباء في زحلة، يتجدّد خوف أهالي المنطقة من خسارة امتيازهم، فعوضًا عن الكهرباء 24/24 التي تقدمها الشركة، تُتيح “كهرباء زحلة” فرص عمل كبيرة لأهالي المدينة وضواحيها. فما الذي يخبئه عام 2021 لأهالي زحلة؟
كهرباء زحلة من السلطنة العثمانية إلى “العهد القوي”
يعود تاريخ “مؤسسة كهرباء زحلة” إلى أكثر من 100 عام إلى الوراء، حين تقدّم الأب يعقوب الرياشي، كاهن الرهبانية الباسيلية الشويرية، بدراسة للاستفادة من مياه البردوني، حيث عرضها يوم 28 كانون الأول 1907، في اجتماع ضمّ عضو مجلس إدارة متصرفية جبل لبنان يوسف البريدي، وقائمقامها ابراهيم أبوخاطر، والمهندس سالم رياشي، لينتزع الأب الرياشي فرمانها سنة 1912 بامتياز حُدّدت مدّته بسبعين سنة.
وبالرغم من اندلاع الحرب العالمية الأولى، أصرّ الأب الرياشي على السير بالمشروع الذي بدأ تنفيذه عام 1920، بعد أن تعاقد مع شركة “والتر سيجار” على تأسيس شركة مساهمة برأسمال 20 ألف ليرة عثمانية، موزّعة على 20 ألف سهم، حيث تم تدشن “الشركة الكبرى لكهرباء زحلة” في 6 شباط 1927.
وبعد استحداث محطّة “الكرك”، تمكّنت الشركة من تحقيق استقلالية سمحت بتأمين الكهرباء بشكل كافٍ لزحلة ونطاقها حتى عام 1969، وهو تاريخ حصر الإنتاج بمؤسسة “كهرباء لبنان”، في وقت أصبحت مهمّة الشركة توزيع الطاقة وتأمين أعمال الصيانة.
ولكن في تسعينات القرن الماضي، انتهت مدّة امتياز “شركة كهرباء زحلة”، فجدّدت الدولة الامتياز محدّدة كلفة الكيلو المباع بـ75 ليرة لبنانية، وهو الأمر الذي رفضته شركة “كهرباء زحلة”، متقدّمة بطعن لدى مجلس شورى الدولة، لم يُقبل به حتى سنة 2005، ليبدأ بعد ذلك البحث عن كيفية تأمين الكهرباء لمدّة 24 ساعة متواصلة مع استلام “أسعد نكد” رئاسة مجلس إدارة شركة كهرباء زحلة، بعد أن انتزع مذكرة تفاهم من وزارة الطاقة عام 2006، تسمح لشركة كهرباء زحلة باستكمال كل الإجراءات المطلوبة للحصول على رخصة الإنتاج، مع صدور قانون ينظّم قطاع الكهرباء ويسمح من خلال بعض التعديلات بمنح أذونات وتراخيص الإنتاج بقرارات من مجلس الوزراء، بناء على اقتراح وزير الطاقة آنذاك محمد فنيش لسنة واحدة، ولحين تعيين أعضاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء.
وفي عهد وزير الطاقة جبران باسيل، تمكّن نكد من انتزاع إذن لتأمين الكهرباء في أوقات التقنين، لينهي بذلك ظاهرة المولّدات الكهربائية في قضاء زحلة.
ومع انتهاء العقد عام 2018، نجح نكد بالحصول على تمديد لسنتين إضافيتين بعد صراع طويل مع “التيار الوطني الحر”، الذي رفض تجديد العقد بشروطه القديمة، ليُبنى القانون 107/2018 على ضرورات ومقتضيات المصلحة العامة التي تفرض الإبقاء على الحالة القائمة ضمن حدود نطاق الإمتياز، والإستفادة من الإمكانية المتاحة لشركة كهرباء زحلة لتقديم الخدمات اللازمة لعمل المرفق العام، ضمن “عقد تشغيلي”، أوجب عليها أن تؤمّن التيار الكهربائي للمشتركين الواقعين ضمن نطاق امتيازها الجاري استرداده، وتقديم خدمات توزيع الكهرباء، لمدة أقصاها 24 شهراً من انتهاء أمد الامتياز في 31/12/2018.
“الزحلاوية” سيستقبلون العام الجديد على العتمة؟!
ومع انتهاء عام 2020، يشارف عقد تمديد الامتياز لشركة كهرباء زحلة على الانتهاء، وبالتالي التغذية بالطاقة الكهربائية ٢٤/٢٤ التي تؤمنها الشركة ستتوقف اعتباراً من فجر اليوم الأول من العام الجديد، أي بعد منتصف ليل 31 كانون الثاني، ما يعني انّ “الزحلاويين” سيستقبلون العام الجديد على العتمة!
وبناء على ما ذُكر، تقدم النائب سليم عون باسم تكتل “لبنان القوي” باقتراح قانون معجّل مكرّر لتمديد العمل بأحكام القانون رقم 107/2018، واعتبار العقد التشغيلي الناشئ عنه والمتّفق عليه بين مؤسسة كهرباء لبنان وشركة كهرباء زحلة ش.م.ل. نافذًا، وتمديد العمل به، آملًا إدراجه على جدول أعمال أول جلسة تشريعية سندًا الى أحكام المادة 110 من النظام الداخلي لمجلس النواب. ولكن ماذا لو لم ينعقد المجلس النيابي في هذا الشهر؟
قانون معجّل مكرر قد ينقذ الوضع!
يقول النائب سليم عون في حديث لـ”أحوال” إنّه “من المفترض أن تنعقد جلسة تشريعية في هذا الشهر لوجود أمور ملحّة، أولها قانون المعجّل مكرّر الذي تقدمنا به، وهذا ما حصل العام الماضي حيث انعقد المجلس في آخر شهر من السنة”، مضيفًا: “وحتى لو لم تنعقد الجلسة، سنلجأ إلى حلول أخرى سنكشفها في الوقت المناسب، ولكن ما يمكنني تأكيده اليوم هو أننا لن نقبل بأن تنقطع الكهرباء عن أهالي زحلة ليلة رأس السنة”.
ويوضح عون أنّ العام الماضي جرى إعداد القانون بسرعة وتم إقراره خلال 4 أسابيع، أما السنة فالقانون موجود ويحتاج فقط إلى إقرار تمديد العمل به، مضيفًا: “ونحن نُطمئن عمّال الشركة وأهالي زحلة ومؤسسة كهرباء لبنان، ونذكّرهم بأنه منذ سنتين وبالرغم من كل الحملات التضليلية التي طالتنا، أقرّينا العقد وفق التعديلات المناسبة، ما وفّر على الدولة وعلى مؤسسة كهرباء لبنان كل سنة حوالي 8.6 مليار دولار، بالإضافة إلى أن اقتراح القانون الذي قدّمناه يضمن حقوق المواطنين وأصحاب الشركة والموظفين”.
في الختام، وفي حال إقرار قانون تمديد امتياز شركة كهرباء زحلة، فإن هذا لا يعني أن خطر انقطاع الكهرباء في المدينة قد زال، حيث تبقى مشكلة رفع الدعم عن المحروقات مشكلة جوهرية ستضع مستقبل كهرباء زحلة وكهرباء لبنان في خطر كبير. فهل يستقبل اللبنانيون عام 2021 على ضوء الشموع مع بدء رفع الدعم؟!
باولا عطيّة